Sciences du Patrimoine

Sciences du Patrimoine

الدراســــة المونوغرافــيــة

 

الدراســــة المونوغرافــيــة

 لمؤسسة التنشيط 

إعداد: محمد الحبيب الخضراوي([1])

 

 

 

يمكن في بداية هذه الدراسة الإنطلاق من مقولتين أساسيتين يكن اعتبارهما كفرضيتين محوريتين تأطران التمشي المنهجي الذي اعتمدناه في هذا البحث وتسمحان بمعالجته من زاوية هذه المقاربة المونوغرافية:

المقولة الأولى: إن مؤسسة دار الشباب تحتضن تفاعلات وتبادلات اتصالية بين مختلف الأطراف الفاعلة ويحتل فيها الشباب طرفا محوريا تتوجه إليه أهداف المؤسسة وممارساتها من أجل المساهمة في تنشئته اجتماعيا.

المقولة الثانية: إن مؤسسة دار الشباب تحتل موقعا متجذرا في محيطها المحلي وتقوم بأدوار فاعلة من أجل تأكيد استمرار شرعية ممارساتها وتدخلاتها المختلفة داخل المؤسسة وخارجها.

 إننا نتبين أهمية هذين المدخلين لأن اعتماد  مقاربة الدراسة المونوغرافية للمؤسسة الشبابية يسعى الى أن يحول الممارسة والدور الى مادة معرفية قابلة للمفهمة والقراءة العلمية والإعتماد الأكاديمي والوقوف على قيمتها كممارسة اجتماعية وكمؤسسة فاعلة على المستوى التربوي والإجتماعي تضاهي المؤسسة التعليمية.

ويعتبر هذا التحويل من الممارسة الى المعرفة والعلم تحد هام يجب أن ينشط فيه ومن أجله الفاعلون في قطاع الشباب[2] حتى يحقق هذا الجهد على الاقل هدفان : الأول استثمار نجاعة التجربة والممارسة التي تطورت تاريخيا في الميدان على المستوى العملي، والهدف الثاني تطوير التجربة في حد ذاتها وحتي لا تكبل التجربة والممارسة في مستوى معين قدرة الإنسان والفاعلين في الميدان على الخلق والتجديد والإبداع.

إن هذه المقاربة التي نحن بصدد عرضها تتناول المؤسسة الشبابية كوحدة اجتماعية من زاوتي نظر أساسيتين لا بد  لأي مرب أو مدير " دار الشباب" أن يتعامل معها بشكل متكافيء وجدي ، كما لا يمكن للفعل التربوي أن يتغافل عنهما لان تأثيرهما واضح في كل وضعية تمر بها المؤسسة .

وتتمثل زاوتي النظر هاتين في:

- المنظور الكلي والشمولي للمؤسسة

-          المنظور التحليلي الداخلي

وسنعود الى هذين المنظورين وطرح الإشكاليات المركزية  التي يثيرها كل منظور بعد عرض الجانب المفاهيمي والإصطلاحي لموضوع وعنوان الدراسة وهي : الدراسة المونوغرافية للمؤسسة الشبابية.

إن البحوث المونوغرافية هي بحوث في العلوم الإجتماعية وتتأطر ضمن الحقل المعرفي الخاص بمجال الأنتروبولوجيا لكن مصطلح " مونوغرافيا  Monographie  " في تكوينه اللفظي يعني مجالين إثنين:

-          الشيء الواحد Mono

-          التعبير أو التشكيل الخطي  Graphie

1-    دراسة المجال الواحد: Mono  : في المعنى الإصطلاحي فإن هذا التخصص المعرفي يهتم بالمجالات التي تشكل وحدة متكاملة ويستمد هذا التوجه من المقاربة الأنتروبولوجية التي تدرس الواقع أو الظاهرة أو الوحدة الإجتماعية بشكل شمولي  Holiste  حيث تسعى لتناول الظاهرة في كليتها ويضبط الباحث فيها بتحليل كيفي وشامل  Exhaustive  للوحدات الإجتماعية قيد الدرس وهذه إحدى أوجه المعنى الذي يسند لمصطلح مونوغرافيا.

2-    التعبير الخطي أوالشكلي : Graphie: أو التصوير وأخذ صور للواقع، وهو منهج في تسجيل المعلومات والتقاطها بهدف التحقق منها بتصنيفها وتبويبها. ويندرج هذا المنهج ضمن تخصص فرعي داخل الأنتروبولوجيا وهو حقل الإتنوغرافيا Ethnographie  أي المجال الذي له علاقة بالملاحظة المباشرة للوحدة الإجتماعية المضبوطة ضمن حقل الدراسة ، وتتمثل مهمته في وصف ورسم وتصوير حيثيات السلوك والممارسة الثقافية والإنتاج والنشاط الإنساني في محيطه الطبيعي والإعتياي وكل المظاهر ذات العلاقة. والمونوغرافيا بهذا المعنى الثاني تعني توجيه الأنشطة الفنية من ملاحظة وتصوير ورسم ووصف لمادة ذات خصائص محددة  Limitées وموحدة؛ أي موضوع موحد المعالم يتعلق بالوسط أو بنظام العمل أو بالمعتقد أو بالعادات أو بالمؤسسات أو بالأدوات أو بالإنتاج او بالحرف والممارسات الثقافية بوجه عام.

 

هذه المعاني مستمدة من تفسير المكون الشكلي للمصطلح المدروس ،  أما من حيث المحتوى فإن التعرف على مميزات هذا النوع من البحوث ينطلق من معرفة الأهداف الكبرى للدراسات الإجتماعية والتي تتمحور حول الأهداف التالية:

1-    دراسة الإنسان في محيطه الإجتماعي.

2-    دراسات العلاقات الإجتماعية بين الأفراد

3-    دراسة نظم اشتغال المجتمعات الإنسانية Fonctionnement  

الأنتروبولوجيا تتموقع ضمن الهدف الثالث لأن خصوصيتها تنبع من نظرتها الكلية للظاهرة الإنسانية وهي تسعى في إطار مشمولاتها  الى اثبات مفارقة أساسية أكدها الباحث " كلود ليفي ستروس  Claude Lévi- Strauss "  وتكمن  في تحويل العناصر الأكثر ذاتية الى عناصر إثبات موضوعية.

ويتضمن هذا التوجه البحثي فرضيات أساسية قائمة على الإقرارات التالية:

-          إن وراء المجال الميداني العملي تكمن مادة معرفية ، واعتمادا على المنهج المميز للأنتروبولوجيا من خلال الجمع و المقارنة والإستخلاص يمكن اكتشاف قواعد للخطاب والممارسات داخل الوحدات هدف الدراسة مثل الؤسسات.

-          كما يمكن اكتشاف المنطق العام الناظم للتفاعلات البينية وتمظهراتها المختلفة.

وينهي Claude Lévi- Strauss بتعريفه لهذا الحقل بالرغم من الإختلافات الإسمية والإصطلاحية المكونة لمفاهيمه الداخلية بقوله

" Elle consistera un moment de la démarche anthropologique laquelle comporterait trois étapes, sous le double rapport d’une méthodologie et d’une problématique, allant de l’étude de cas à la mise en évidence de lois générales. " .

وبهذا التعريف الاصطلاحي للمعرفة المونوغرافية فإننا نستطيع القول بأن الدراسة المونوغرافية للمؤسسة الشبابية تسمح بـ:

1-    تحديد/ضبط/حصر العناصر الفاعلة والمؤثرة في أداء المؤسسة الشبابية ويمكن إدراج هذه العناصر فيما بعد ضمن مشروع المؤسسة.

2-    الوقوف على مستوى ما من تقييم فاعلية هذه العناصروقدراتها الفعلية والكامنة وكيفية انخراطها واشتغالها في إطار قيام المؤسسة بأدوارها ووظائفها.

3-    إثارة الوعي لدى الفاعلين بالمؤسسة الشبابية بأهمية المقاربة الكلية والجزئية للفعل التربوي وتغيير السلوك بالوسط اللانظامي واستثمار التشخيص المدقق للمؤسسة الشبابية من أجل القيام بالمبادرة والتدخل في اطار المقاربة البيداغوجية الجديدة :مشروع المؤسسة (والتي تنتهي ببحث العمل).

استثمار الدراسة المونوغرافية

لتصوير المؤسسة التربوية ومقاربتها في إطار اشكالي

 

إن المؤسسة الشبابية التربوية كوحدة إجتماعية قابلة للدراسة يمكن التعاطي معها في اطار علاقتها مع محيطها وعناصرها الداخلية من ناحية  ومن حيث تموقعها في اطار علاقتها مع محيطها الخارجي من ناحية ثانية.

-          التموقع الداخلي:

ونعني به التفاعل بين العناصر والمكونات الداخلية للمؤسسة بما يجعل منها أداة للفعل والإنتاج ، وتشمل هذه العناصر الرواد والمستفيدين ، الإطارات التربوية، الإدارة، العملة والإداريون ،الموارد المالية والمادية ، الأهداف والتمشيات ،البرامج والمشاريع والمنتوجات....

-          التموقع الخارجي: ويعني حصيلة تفاعل المؤسسة مع العناصر التالية:

·         السلط الإدارية والسياسية

  • المحيط الإقتصادي
  • المحيط الإعلامي
  • المحيط التربوي
  • المحيط  الإجتماعي والثقافي

لكن يوجد طرف آخر وسيط والمتمثل في الإدارة الفنية وسلك الإرشاد والتفقد البيداغوجي واعتبارا لانخراطه في تمشي المؤسسة وموقعه من جملة الأطراف الآخرين فهو يحتل موقع الفاعل في حركة الواقع ضمن سياقات مضبوطة.

وانطلاقا من مجموع العلاقات المتشابكة للأصناف الثلاثة من المواقع السالفة الذكر فإن ادراك المشهد التفاعلي للمؤسسة التربوية في إطار قراءة مونوغرافية مميزة يمر عبر المستويات الإشكالية التالية:

 

1-المستوى الأول:الرؤية الكلية والإجمالية

- هل توجد رؤية موحدة وكلية تجمع هذا الشتات من المواقع وعناصرها المتنوعة ؟

- هل تضع المؤسسة خطة عملية تتضمن استيعابا لهذه العناصر؟

- هل توجد استراتيجية عمل سنوية أو مرحلية للإجابة على هذه العناصر في اطار خصوصية المؤسسة، وهل توجد أولويات لتحقيق ذلك؟

2-      المستوى الثاني : الرؤية المرجعية

- هل توجد مرجعيات واقعية وعلمية للتوجهات والتدخلات العملية للمؤسسة التربوية في اتجاه الداخل أو الخارج؟

- هل أن المبررات المنتخبة مسنودة بقراءة موضوعية لواقع المؤسسة وامكانياتها ولمحيطها بكل مكوناته؟

3-    المستوى الثالث: صور الممارسة للمؤسسة

 

- هل يعكس السلوك العملي اليومي نوعية هذه الأدبيات؟

- هل يوجد تباين أو تعارض أو تعاضد بين المعلن في القول وبين الممارسة لمختلف الاطراف الفاعلة ؟

- هل يوجد تقييم بنائي دوري لتقويم التدخل وتصحيح المسار؟

- ماهي الأشكال المقررة لهذا التقييم والمتابعة (الوثائق والسجلات وأشكال الملاحظة المختلفة) ؟ هل هي وظيفية؟ عملية؟ وناجعة ؟ وماهو موقع وأثر كل فاعل في إطار ذلك ؟

- ماهي الآليات المعتمدة للتعديل والتصحيح؟

وتتطلب هذه المستويات الثلاثة المعالجة الإشكالية التالية والتي تحيل مباشرة الى الإستعمال المنهجي للدراسة المونوغرافية للمؤسسة .

 

 فكيف يمكن إذن متابعة السلوك اليومي لمختلف المجالات التي تجمع الفاعلين في المؤسسة ورصد استراتجياتهم كل حسب خصوصيته ومدار اهتمامه؟ وما هي نوعية الفعل والتدخل لكل فاعل في المؤسسة واتجاهات ردود الأفعال المسجلة تجاه المايحدث ونوعية المعلومات المتبادلة وشبكات العلاقات المتكونة والناشئة والمرغوبة التي يحتضنها نشاط المؤسسة؟ وهل يمكن رسم صيرورة معينة لهذه التفاعلات ورصد مسارها بشكل واضح؟

 

إن العمق الإشكالي الذي تطرحه الدراسة المونوغرافية للمؤسسة ينبع أساسا من الأهمية التي تقوم بها المؤسسة التربوية الشبابية في الوقت الحر وخاصة في مستوى الممارسات وكثافة التدخلات الموجهة لفائدة تعديل السلوك وتعزيز التعلمات في نواحي معرفية وحسية حركية ووجدانية.

 ونظرا الى ان هذه التدخلات تأخذ أشكالا متعددة وتتباين نتائجها بحسب متغيرات مكونات كل وضعية فإن الرصد العلمي أو الدراسة العلمية للمؤسسة الشبابية لا يمكن أن تستغني عن المناهج المعتمدة في الدراسات المونوغرافية لأن هذه الاخيرة توفر إطارا نظريا أمثلا للملاحظة وتتبع أثر السلوك والممارسة وتقييم المردود.

واعتبارا الى أن نشاط المؤسسة من هذا المنطلق يرفض الأنشطة المصطنعة أو المخبرية أو التي تجرى عليها العمليات الإشهارية أو الدعائية المصدرة للإستهلاك لفائدة الآخر المغاير،لأن نتائجها بصفاتها تلك ستخالف البناء الداخلي وستظهر عكس ما تضمر فإن أدبيات المنهج المونوغرافي له القدرة على تجاوز هذا النوع من الصعوبات وذلك باستعماله منهج البحث الميداني واعتماده على الملاحظة بالمشاركة " L’observation participante ".

فما هي الخصوصيات المنهجية في استعمال الملاحظة بالمشاركة في البحث الميداني الموجه للمؤسسة ككل؟

 

البحوث الميدانية ذات العلاقة بالدراسات المونوغرافية

 

تختلف البحوث الميدانية ـ أي البحوث التي تتقيد بالمعطيات التي يزودها الواقع بكل مكوناته ـ حسب متغيرات مختلفة ومتنوعة تؤثر بأشكال متفاوتة في طبيعة هذه البحوث، وتعطيها خصوصية معينة ومن بين هذه المتغيرات الأهداف من حيث شمولها واتساعها و الفئات المستهدفة ووسائل البحث المعتمدة وحجم الميدان ودرجة الدقة والقياس المطلوبة في تتبع الأثر.

ومهما اختلفت هذه المتغيرات إلا أن ذلك لا يمس من الصرامة المنهجية التي تتمتع بها مثل هذه الدراسات أمام كثرة المعلومات وما يقابله من حرص متناه لاستيعابها وقبولها حتى لاتفوت احداها قد يكون لها أهمية بمكان في قراءة واقع المؤسسة وتفسير حركتها ونشاطها.

وعلى ذلك فإنها تطرح تحديات تعود لخصوصية استعمال هذا المنهج ومنها أساسا أن المشاركة الميدانية في حياة المجموعة بهدف ملاحظتها وبالتالي دراستها يطرح تحديات مثل قبول المجموعة والمؤسسة للباحث ودرجة التعاون التي يقابلها به الفاعلون في المؤسسة حتى تتمكن الملاحظة من رصد مراجع هامة للمعلومات في إطار المؤسسة. و تتميز هذه المعلومات بخاصياتها غير المقننة وغير الثابتة  وعدم تجانسها حيث تشمل الآراء والسلوكات والممارسات والمواقف مما يعسر وضعها في مشروع بحث ميداني موحد.

وقد ظهرت في خضم هذه الأسس العملية توجهات بحثية حملت  معها تصنيفات للبحوث الميدانية وهي:

- بحوث التشخيص "Diagnostic " وتعمل بموجب مثال توجيهي يتضمن فرضيات محددة تقود عملية البحث  لتفسير نشاط المؤسسة ووضع المجهر على مواطن مشخصة بقصد معالجتها داخل النسق العام. ومن الممكن تطبيق هذا المنهج لتشخيص مشروع المؤسسة أثناء وبعد انجازه.

- بحوث الإكتشاف " Exploration" وتعتمد الوصف  وتجميع المعلومات التي تم انتقاؤها بطريقة علمية. ويمكن تطبيق هذا المنهج قبل اختيار مشروع المؤسسة لكشف القدرات الفعلية والكامنة للواقع بكل مكوناته  حيث يمكن التفطن بعد ذلك الى المواطن التي يمكن أن  يتعاطى معها مشروع المؤسسة باعتبار أن المشروع ينطلق من مبررات موضوعية وواقعية.

- بحوث التجريب والإختبار:استعمالها قليل  ونادر وذلك لصعوبتها في الميدان التطبيقي وعدم القدرة على السيطرة على المتغيرات والتحكم فيها .لكنها تظل ممكنة ومفيدة في تقديم معلومات حول العلاقة بين متغيرين أو أكثر وتستدعي توفير وسائل ملاحظة دقيقة سمعية وبصرية متطورة.

الملاحظة بالمشاركة(الإنجاز التطبيقي للمقاربة)

لقد أشرنا في موضع سابق إلى أن الملاحظة بالمشاركة تطرح صعوبات أساسية تتمثل في درجة قبول المؤسسة للباحث بصفة من الصفات المبررة لوجوده داخل المؤسسة. ولذلك فقبل اعداد وسائل الملاحظة ورصد المعلومات فإن الباحث يجب أن يوفر جهدا أساسيا في تهيئة مناخ العمل والتحاور مع المؤسسة لتنظيم وتقنين التواجد بالمؤسسة وشرعية طلبه للمعلومات من المصادر المتنوعة. فقد يقتضي البحث مثلا القيام باستجوابات شفوية أو مسجلة أو القيام باستبيانات للشبان أو للإطارات أو للموظفين والعملة أو لإدارة المؤسسة أو للأولياء أو لغيرهم لمعرفة موقف أو ممارسة أو سلوك ثم العمل على تحليله.

كما يمكن أن يعنى البحث بملاحظة مباشرة عن طريق العين المجردة وباستعمال شبكات الملاحظة أو بالتصوير لأداء أثناء النشاط أو أثناء اجتماع لتوزيع العمل وتنظيمه أو القيام بسلوك اداري معين . ولذلك  فإن أدبيات البحث يمكن أن تمتد الى كل الإنتاجات بالمؤسسة منها الوثائقية الإدارية والتسييرية الجارية أو الراجعة. ومختلف الإنتاجات الأخرى المنتجة في إطار نوادي الإختصاص أو مشاريع المنشطين أو الأعمال الأخرى. وقد يستدعي ذلك وقتا يتسع بقدر متطلبات البحث.

ونظرا للإحتمالات الممكنة لاستعمال هذه التقنيات بعضها أو جلها أو كلها بما يعني الدخول الى حياة المؤسسة واكتساحها وتكثيف التبادلات التفاعلية والمشاركة أثناء العمل والإنجاز، فإن التحاور مع المعنيين وموافقتهم قبل الشروع في ذلك مهم جدا وضروري لاستقاء المعلومات بشكل أقرب للتلقائية.

لكن ، بأي صفة يعلن الباحث عن وجوده وأدواره داخل المؤسسة؟ أي ما هي الصورة التي يظهر عليها أثناء القيام برصد المعلومات وتجميعها؟.

- مسألة القناع Masque

إن اخفاء الدور أو إظهاره هما تمشيان لكل منهما ايجابياته وسلبياته وعموما فإن الإعلان عن أهداف البحث والهوية المهنية للباحث يجنب عديد المشاكل المستعصية وإغفال ذلك الإعلان يتنافى مع أخلاقيات البحث العلمي وقد يسبب حرجا كبيرا. إلا أنه يمكن عدم ذكر بعض التفاصيل للفئات المعنية بالملاحظة حتى لا تغير سلوكها الإعتيادي فتختفي المعلومات الواقعية وينحرف البحث عن مجراه الطبيعي.

وشرط استقاء المعلومات في سياقها الطبيعي ضروري ومسألة ملحة في الاعتبارات المنهجية ولا يمكن الاستغناء عنها في أي دراسة مونوغرافية .

لكن من هو هذا الباحث الذي يمكن له أن يقوم بهذا النوع من الدراسات المونوغرافية للمؤسسة التربوية ويوفر سجلا من المعلومات المرجعية في قراءة واقع وامكانيات المؤسسة؟ هل يمكن أن يكون الطالب المبتدئ أو الباحث المتمرس أو المنشط في حد ذاته أو مدير المؤسسة، أو المرشد البيداغوجي أو متفقد المؤسسة مثلا؟ لكن في مثل هذه الحالة ،فإن البعض من هؤلاء هم أطراف فاعلون في المؤسسة ويمتد إليهما تبعا لذلك آثار التقييم.[3]

ولم يخف على المهتمين بقضايا التقييم والملاحظة أهمية هذا الإشكال فصنفوا الباحثين الى صنفين يمكن أن يحققا التكامل في الأدوار لتغذية الناتج العلمي والمنهجي المطلوب من مثل هذه الدراسات المونوغرافية:

1- الملاحظ بالمشاركة من الخارج: ويمكن أن يكون خبيرا متخصصا في التقييم أو مكلفا بإجراء ملاحظة ميدانية ممنهجة وفق شبكات ملاحظة تم إعدادها مسبقا من قبل أطراف آخرين. إلا أن هذا الأسلوب في الملاحظة قد لا يحض دائما بنفس النجاحات المطلوبة ويجب الانتباه إلى بعض المآخذ التي يمكن أن تحيط بنتائج هذه الممارسة البحثية لأن هذا الملاحظ الخارجي :.

- جاء من خارج المؤسسة ولا يتمتع بالشرعية الكافية

-          ليس متفرغا نهائيا للبحث بحيث أن له مهاما أخرى تمنع تواجده المتواصل والمستمر بالمؤسسة.

 

2- الملاحظ بالمشاركة من الداخل: هذا الطرف الذي يتبنى منهجية خاصة في الملاحظة والرصد لخاصيات الممارسة التنشيطية ينتمي الى المؤسسة ويقوم بأدوار فعلية فيها ويحظى بشرعية التواجد والعمل داخل المؤسسة ويعترف له بها المتواجدون بالمؤسسة. كما أن مجال فعله الجديد في إطار الملاحظة بالمشاركة لا يجب أن يخترق مجاله العملي المعهود لأنه سيؤثر على طبيعة مراكز العمل والتفاعلات الممكنة في إطار ذلك. وعليه فمن أهم صفاته أن يكون طرفا فاعلا في المؤسسة المدروسة ويحتل موقعا مؤثرا في شبكة العلاقات وله شرعية واقعية في المؤسسة في حدود الوظيفة التي يقوم بها. ويمكن أن يكون أحد الإطارات التربوية بالمؤسسة بشرط أن يتمتع بالكفاءة العلمية والمنهجية الكافية لمتطلبات البحث.

إن مفهوم المشاركة عند الملاحظة قد تكون له نتائج متباينة وذلك تبعا لدرجة هذه المشاركة في حياة المجموعة فكلما كانت المشاركة لصيقة من حياة المجموعة إلا وكانت نتائجها مختلفة عن درجة أكثر بعدا. كما أن هذه المسافة قد تغير من المسار الطبيعي للتمشيات الاعتيادية لنشاط المؤسسة وسير التنشيط بها. ولذلك فإن تحديد مستوى المشاركة عند الإعداد لاستراتيجية البحث أو بروتوكولاته يعد منهجا مطلوبا لأنه يرسم نطاق المعلومات المتوفرة وحدودها مقارنة بالمجموعة. وعلى هذا المستوى توجد ثلاث مستويات من المشاركة وهي:

 

    1- الملاحظة بالمشاركة السطحية

ويغلب على هذه الدراسات الطابع السوسيولوجي حيث لا يسمح للملاحظ أن يكون في مركز الفعل داخل المؤسسة والمجموعات الشبابية لأنها تؤمن بمقولة أنه بجب أن يجد الباحث توازنا بين المشاركة في الميدان وبين القدرة على التحرر منه على خلفية أن بعض الإندماج فقط يمكن أن يؤدي الى ما هو مطلوب من البحث العلمي.

2-    الملاحظة بالمشاركة الفاعلة:

أي تحمل بعض المهام في المؤسسة التي تشكل مجال بحثه والقيام ببعض الأدوار في مجموعة الدراسة، وهذا الموقع يمكنه من رؤية التفاعلات الحقيقية في جميع المواقع.

3-    الملاحظة بالمشاركة الكلية: 

السؤال المنهجي الذي يعترض هذا المستوى من المشاركة في الملاحظة هو: ألا يمكن لهذا الأخير أن يؤثر فعليا على مجرى الأحداث و أن يغير من الحركة الاعتيادية لحركية المجموعات تبعا لاندفاع الملاحظ المشارك ورغبته في توجيه الواقع؟

          وعلى ذلك فإن التحفظ على المشاركة الكلية يأتي من هذا الجانب . كما أن التساؤل يضل مطروحا في كل خطوة يقوم به الباحث الأنتروبولوجي بالنسبة خاصة للدراسات المونوغرافية وهو : كيف نتمكن من المشاركة دون أن نكون داخليين منتمين للمجموعة المدروسة؟

إن أهمية الدراسات المونوغرافية[4] للمؤسسات التربوية تعود أساسا إلى الكم الهائل من المعلومات التي يمكن أن تتأتى من مختلف التقنيات المعتمدة داخل هذا المنهج البحثي والتي يقع توظيفها إما لتمهيد اعتماد مشروع المؤسسة وإما لتقييم إنجاز المشروع داخل المؤسسة وما يحدثه من تحولات لدى الفاعلين المعنيين بنشاط المؤسسة.

ونظرا لتعدد هذه التقنيات في إطار الدراسة المونوغرافية الواحدة ، واعتبارا إلى محدودية الإمكانيات المتاحة ، فقد انطلقنا مرحليا بإنجاز استبيان للكشف عن واقع المؤسسة  ومدى التجانس بين مكونات عناصره في إطار التمهيد لإثارة أهمية العمل بمشروع المؤسسة لدى الفاعلين بها وقدمنا نموذجا لاستبيان يتوجه للطرفين الرئيسين في الفعل بالمؤسسة التربوية الشبابية وهما المنشط والمدير.

ويتضمن كل استبيان ستة أسئلة بعضها يتعلق بالتحليل الكمي وبعضها الآخر بالتحليل الكيفي. وسنكتفي في هذا الجزء الأول بعرض هيكلة الاستبيان للإشارة إلى مختلف الأبعاد التي يمكن ان تشملها الدراسة المونوغرافية لمؤسسة التنشيط في إطار الإستبيان.

 


 

 

الاسم: .......

تقييم النشاط التربوي

الرجاء تعمير هذه الجذاذة بكلّ دقة متناهية مع ضرورة تدوين جميع المعلومات في كراس التربصات

اللقب: .......

2009 - 2010 

علما وأنّ جميع المعلومات المذكورة يجب

المؤسسة: .....

تقييم المنشط 

أن يكون لها ما يدعمها بمختلف الوثائق التي يمسكها المنشط

 

 

1)       قدّم توزيعا لعدد المستفيدين من الأنشطة التي تمارسها حسب كلّ نشاط:

النشاط (1) 

الشهر

أكتوبر 

نوفمبر 

ديسمبر 

جانفي 

فيفري 

مارس 

أفريل 

ماي 

جوان 

................

عدد المستفيدين

 

 

 

 

 

 

 

 

 

كيف تقيم هذا التفاوت؟

...................................................................................................

...................................................................................................

...................................................................................................

النشاط (2) 

الشهر

أكتوبر 

نوفمبر 

ديسمبر 

جانفي 

فيفري 

مارس 

أفريل 

ماي 

جوان 

................

عدد المستفيدين

 

 

 

 

 

 

 

 

 

كيف تقيم هذا التفاوت؟

...................................................................................................

...................................................................................................

...................................................................................................

النشاط (3) 

الشهر

أكتوبر 

نوفمبر 

ديسمبر 

جانفي 

فيفري 

مارس 

أفريل 

ماي 

جوان 

................

عدد المستفيدين

 

 

 

 

 

 

 

 

 

2)       ماهي الأهداف السلوكية (يمكن ملاحظتها) التي تحققت لدى المستفيدين خلال السنة التربوية؟ أذكرها حسب كلّ نشاط تمارسه بالمؤسسة مع نسبة انجاز النشاط من البرنامج العام؟

النشاط 

نشاط (1) 

نشاط (2) 

نشاط (3) 

الأهداف التي تحققت

 

 

 

نسبة الانجاز

 

 

 

عدد المنخرطين

 

 

 

ما هي الصعوبات التي تعتقد أنّها حالت دون التقدم أكثر في نسبة الانجاز رتبها حسب الأهمية؟

1)       ....................................................................................

2)       ....................................................................................

3)       ....................................................................................

3)       ماهي أهمّ القضايا التربوية التي برزت بالمؤسسة وما هي التمشيات التي اعتمدتها لمنابعتها ومعالجتها؟

القضايا التربوية

التمشيات: داخل نشاط النادي 

مع الاطار التربوي 

مع إدارة المؤسسة 

مع الأولياء 

مع المحيط الخارجي 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

4)       هل توجد سلوكات مميزة للفئات التي تتعامل معها أثناء النشاط؟ وما هي المقاربات التي اعتمدتهالفهمهاوالتفاعل معها؟

السلوكات

المقاربات المعتمدة للفهم والتدخل 

 

 

 

5)       هل قمت بمشروع خارج إطار النشاط الاعتيادي للنادي طيلة السنة؟

ع/ر 

عنوان المشروع

موضوعه/ فقراته

تاريخ الانجاز 

التكلفة المادية 

الأطراف المعنية 

1

 

 

 

 

 

2

 

 

 

 

 

3

 

 

 

 

 

6)       خلال نشاطك طيلة السنة، ما هي نوعية الاستفادة العملية التي حصلت عليها من الأطراف التالية؟

الأطراف 

محتوى الإستفادة 

ـ زملائك من الاطارات التربوية في المؤسسة

 

ـ من إدارة المؤسسة

 

ـ  من المؤسسات التربوية المجاورة

 

ـ من وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة

 

ـ من المنظمات والجمعيات

 

ـ من الادارات الجهوية (الصحة ، التشغيل...)

 

ـ من المؤسسات الإقتصادية

 

تقييم المنشط ص2


 

الاسم: ...............................

تقييم النشاط التربوي

الرجاء تعمير هذه الجذاذة بكلّ دقة متناهية مع ضرورة تدوين جميع المعلومات في كراس محاضر جلسات

اللقب: ...............................

2009 - 2010 

علما وأنّ جميع المعلومات المذكورة يجب

المؤسسة: ............................

تقييم مدير المؤسسة 

أن يكون لها ما يدعمها بمختلف الوثائق بالمؤسسة

 

1)       معطيات رقمية: اذكر العدد الجملي للمنخرطين منذ أكتوبر 2002 بالمؤسسة موزعة كما يلي:

الجنس

المستوى التعليمي

الوضعية الاجتماعية والاقتصادية 

ذكر 

أنثى 

أمي 

أساسي

ثانوي 

عالي 

عامل 

يدرس 

يعمل 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ـ العدد الجملي للمستفيدين منذ أكتوبر 2003 : ...............

ـ اذكر تطور عدد المستفيدين من كافة خدمات المؤسسة حسب الشهر (الرجاء اعتماد الواقعية)

الشهر 

أكتوبر 

نوفمبر 

ديسمبر 

جانفي 

فيفري 

مارس 

أفريل 

ماي 

جوان 

عدد المستفيدين 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

2)       ما هي الأهداف التي ضبطتها المؤسسة طيلة السنة الحالية وما هي نسبة الانجاز أو التحقق؟ وما هي المسالك الأساسية التي اعتمدتها لتحقيق كل منها؟

الأهداف 

نسبة التحقق 

المسالك التي اعتمدتها لتحقيقها 

 

 

 

 

 

3)       هل أنجزت مشاريع دون المشاريع التي تبناها المنشطون ؟(عدم ذكر مشاريع المنشطين)

ع/ر 

عنوان المشروع 

فقراته الأساسية 

تاريخ الانجاز 

التكلفة المادية 

الأطراف المعنية 

1

 

 

 

 

 

2

 

 

 

 

 

 

3

 

 

 

 

 

 

4) ـ بالعودة إلى كراس محاضر الجلسات كم اجتماعا تمّ خلال هذه السنة التربوية مع الاطارات التربوية وتمّ تدوينه بالكراس ؟ (ضرورة التقيد بما هو موجود بكراس محاضر جلسات).

الاجتماع 

التاريخ 

الموضوع الرئيسي

الاجتماع 

التاريخ 

الموضوع الرئيسي 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

5)- ما هي أهمّ القضايا التربوية التي برزت بالمؤسسة حسب رأيك وما هي التمشيات التي اعتمدتها لمتابعتها ومعالجتها؟

القضايا التربوية 

التمشيات 

 

 

 

 

 

 

6)- ما هي الاستفادة العملية من الأطراف التالية التي تحققت للمؤسسة وساهمت بالتالي في تحقيق أهداف المؤسسة:

الاطراف 

توعية الاستفادة العملية 

الاطار التربوي التنشيطي القار

 

الاطار التنشيطي المتعاقد

 

الاطار العمالي

 

السلط الادارية

 

السلط السياسية

 

المؤسسات التربوية

 

المنظمات والجمعيات

 

مؤسسات الاعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة

 

المؤسسات الاقتصادية

 

الادارات الجهوية

 

جمعية أحباء دار الشباب

 

 تقييم مدير المؤسسةص2 



[1]  أستاذ العلوم الثقافية بالمعهد العالي للتنشيط الشبابي والثقافي ببئر الباي .

[2]  المعهد العالي للتنشيط الشبابي والثقافي ببئر الباي باعتباره مؤسسة التكوين الأساسي  لا يمكن أن يكون غير معني أيضا بهذا  التحدي، بل يجب أن يكون في طليعة الفاعلين وخاصة في البحث العلمي.

[3]  يمكن أن يكون ذلك إذا تم التكيز على متغيرات أخرى خارج مجال فعل سلك الإرشاد والتقد البيداغوجي في اطار بحوث التشخيص.كما يمكن تطبيق ذلك إذا تم التعامل مع إطارات من سلك التفقد والإرشاد البيداغوجي خارج الدائرة الترابية المتابعين لها.

[4]  لمزيد التعرف  بشكل مختصر على مختلف المناهج التي  تم ادراجها في هذا النص  يمكن العودة الى كتاب : Méthodes des sciences sociales, Madeleine Grawitz, Paris, Dalloz,1996.



11/01/2011
2 Poster un commentaire
Ces blogs de Politique & Société pourraient vous intéresser

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 8 autres membres